“السحايا” يتجاوز أهالي مضايا ويصيب اثنين من الكادر الطبي في البلدة المحاصرة
أصيب اثنان من الكادر الطبي في بلدة “مضايا” المحاصرة بريف دمشق، بمرض التهاب “السحايا”، قبل أيام عدة، وهما المشرفين على حالة عائلة كاملة مصابة بهذا المرض، ما يجعل البلدة أمام تحدّ طبي وإنساني جديد، لا سيما أن الوباء طال الجهة الطبية الوحيدة في المدينة.
الطبيب محمد درويش، عضو الهيئة الطبية في مضايا، قال لـ “الصوت السوري” “أصيب ممرضان من كوادر الهيئة الطبية، وهما مشرفان على علاج عائلة الطفل يمان عز الدين، وجاءت انتقال المرض نتيجة غياب الأدوية الوقائية في البلدة”.
وأكد الطبيب درويش أن “لا تتوفر مختبرات طبية للكشف عن المرض، ولكن كامل أعراض المرض تبدو على الممرضين، وبإمكان الهلال الأحمر أو أي جهة طبية إجراء فحوصات طبية لهما، والتأكد من النتائج”.
من جهته دخل وفد طبي من الهلال الأحمر السوري إلى البلدة المحاصرة، الأحد، مؤلف من طبيبين وعدد من المرافقين لتقييم وضع مصابي “السحايا”، البالغ عددهم 18 شخص، بينهم عائلة كاملة مؤلفة من خمسة أشخاص، دخول الوفد الطبي جاء بعد يوم واحد مع إعلان الهيئة الطبية لبلدتي مضايا وبقين، بلدات موبوءة بمرض “التهاب السحايا”.
بثت الهيئة الطبية في شريطاً مصوراً يظهر مدير المستشفى الميداني الوحيد في البلدة، قال فيه “الهيئة الطبية مضايا وبقين تعلن مضايا منطقة موبوءة بمرض التهاب السحايا، المعدي والمنتشر بسرعة، نتيجة إصابة عائلة الطفل يمان عز الدين بأكملها، وإصابة أحد الكوادر الذي أشرف على المرضى، وظهور حالات عديدة مصابة بالمرض”.
ونقل موقع “أمية برس” عن طبيب من الهلال الأحمر قوله “الوضع في مضايا يحتاج إلى حيّ جذري، وإخراج المصابين بمرض التهاب السحايا لن يكون كافياً في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية داخلها”.
انتشار المرض، وإعلان الجهة الطبية الوحيدة في البلدة بأنها المنطقة موبوءة، أثار الذعر في صفوف المدنيين، وبدأ الناس يتخوفون من الاختلاط فيما بينهم، حتى غير المصابين منهم، أما أهالي المرضى يتخوفون من استخدام أدوات المريض، خشية العدوى، وفق ما ذكر عبد الوهاب أحمد لـ”الصوت السوري”.
أفاد عدد من العاملين في المجال الإغاثي ببلدة مضايا لـ “الصوت السوري” أن ” الأمم المتحدة والهلال الأحمر لم تدخل منذ بدء الحصار المفروض على البلدة في تموز 2015 إي مواد طبية نوعية، واقتصر إدخال المواد الإسعافية فقط، بينما المساعدات الغذائية افتقرت (البروتين الحيواني) ما أدى إلى ظهور حالات مرضية جديدة كمرض كواشيركور”.
مرّت بلدة مضايا بمراحل عدّة منذ بدء الحصار، تمثلت المرحلة الأولى في تسجيل وفيات نتيجة نقص الطعام والشراب والدواء، وبعد دخول المساعدات الغذائية انتشر مرض (كواشيركور) وهو ناتج عن نقص البروتين الحيواني، إذ أن الأهالي عاشوا شهوراً على الحشائش وبعض المواد الغذائية الأخرى، وتعيش حالياً مرحلة جديدة تمثل بظهور (السحايا)”.
يعاني أربعون ألف مدني في بلدة مضايا من عدم الاستجابة المباشرة للأمم المتحدة والهلال الأحمر، للمناشدات الصادرة من البلدة المحاصرة، مما يؤدي إلى سوء حالات الإصابات ريثما يتم إخراجهم لتلقي العلاج، ولا يتم إخراج الحالات الطبية إلا بإخراج حالات مماثلة من بلدتي كفريا والفوعة، وفق ما ذكر عمر، أحد العاملين في المجال الإغاثي في البلدة.
نشر “الصوت السوري” في تقرير سابق عن الوضع الطبي الذين تعيشه البلدة، إذ يتلقى 40 ألف مدني الخدمات الطبية في مستشفى ميداني وحيد، يشرف عليه ثلاثة أطباء، أحدهم طبيب بيطري، وهو مدير المستشفى، واثنين تخصص طب أسنان لم يكملوا اختصاصهم، دفعتهم ظروف الحصار إلى الانخراط بالعمل الطبي، ويساهم في العمل الطبي في المستشفى ستة ممرضين فقط، وفق ما ذكر الطبيب محمد درويش لـ”الصوت السوري” في تصريح سابق.
وإصابة اثنين من أصل عدد من الممرضين في البلدة لا يتجاوزون أصابع اليد، يعدّ مؤشراً على وصول القطاع الطبي في البلدة إلى أسوأ حالاته، ما لم تتدارك الجهات المعنية على رأسها الأمم المتحدة، وتعمل على إيجاد حلول جذرية لإنهاء مأساة البلدة التي لم تدخل إليها مساعدات أممية منذ أربعة شهور.