طريق القبعات البيضاء إلى “جائزة نوبل” عبّده عناصرهم بالبطولات والتضحيات
دخلت القبعات البيضاء في سوريا ضمن منافسات جائزة نوبل للسلام لعام 2016، بعد أن تركوا بصمة في نفوس السوريين، وأثبتوا جدارة في العمل الإنساني، وبذلوا في سبيل ذلك ثمناً باهظاً، وسجلت حالات كثيرة تحول فيها رجل “الدفاع المدني” من مُنقذ إلى جريح أو قتيل.
نور العتيق، شاب عشريني من مدينة عندان، انضم إلى صفوف الدفاع المدني في منتصف عام 2013، وكان محباً لعمله إذ فيه إنقاذ لأرواح الأطفال والنساء، تلك الأرواح التي تزهق كل يوم بقصف طائرات النظام السوري وقذائفه.
يصف نور شعوره، خلال حديثه لمراسل “الصوت السوري” في حلب، معتبراً أن “أسعد أوقاته عندما يخرج إنساناً من بين الأنقاض ولا زال على قيد الحياة”، وهو ما حصل معه في مجزرة عندان التي وقعت في ساحة الشهداء في 7 تموز 2015، راح ضحيتها أكثر من 20 مدني، وتمكن نور من إخراج شاب من تحت سقف بيته، بعد عمل بمعدات بسيطة استغرق ساعات طويلة.
سمع نور نداء الاستغاثة على اللاسلكي، ليتوجه مع زملائه في الدفاع المدني إلى مكان القصف، ولكنه لم يكن يعلم أن شظية متطايرة من قذيفة هاون، ستصيب عموده الفقري، ليصبح ضحية بعد أن كان منقذاً، وبعد علاج طويل في المستشفيات الميدانية بحلب، أصبح نور مقعداً، ولديه خزل في النخاع الشوكي العصبي.
في حديثه لـ “الصوت السوري” قال نور “أتابع علاجاً فيزيائياً بأحد مراكز ريف إدلب، ولكن بعد المسافة، وخطورة الطريق، تعيق ذهابي بانتظام، وهو ما يجعل إصابتي تتحسن ولكن ببطء”.
لم تقطع مديرية الدفاع المدني الراتب الشهري عن نور، لكن راتبه بات لا يكفي ثمن الأدوية، إذ أنها مستمرة وغالية الثمن، كما أنه بحاجة لأجهزة متطورة تساعده في العلاج الفيزيائي، وهي غير متوفرة في الداخل السوري، بيد أنه لا يستطيع السفر خارج سوريا لعدم امتلاكه جواز سفر، وإغلاق المعابر بوجه السوريين من قبل السلطات التركية.
نور هو حالة واحدة من مئات الحالات في سوريا، فحسب مديرية الدفاع المدني في ريف حلب، بلغ عدد المصابين من عناصر الدفاع المدني في محافظة حلب 100 مصاب، فيما قتل 39 عنصر للدفاع المدني في حلب من أصل 127 قتيل في كامل سوريا.
العشرات من رجال الدفاع المدني تحولوا من منقذين لمصابين خلال العمل، ومنهم من أصبح عاجزاً للشفاء، ولم يعد بمقدوره قضاء حوائجه الشخصية. وهذا حال نور وأمثاله، بعد أن كان همّ نور وأمثاله من ذوي الإصابات الدائمة مساعدة المدنيين وإنقاذهم، أصبح همهم الامتثال للشفاء والوقوف على قدمين مرة أخرى!!
ناشد عناصر في الدفاع المدني بحلب الهيئات الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان، بالوقوف إلى جانب المدنيين أولاً، وتحييد عناصر الدفاع المدني ومراكزهم عن القصف، إذ يعمل أكثر من 500 عنصر للدفاع المدني في حلب، وفق ما ذكر الدفاع المدني لـ “الصوت السوري”، وهؤلاء العناصر عرضة للإصابة في أي وقت، وسط القصف العشوائي الذي يطال المناطق “المحررة” في حلب.
أما نور وجّه في ختام حديثه مع “الصوت السوري: نداءً للمنظمات الطبية والإنسانية، للاهتمام بآلاف الجرحى، لمساعدتهم في العودة إلى حياة طبيعية.