درعا: لغم أرضي.. يحول المسعف إلى ضحية!
هاشم، شاب عشريني، من مدينة إنخل بريف درعا الشمالي، عمل مسعفاً ميدانياً في محافظة درعا، إلى أن حوله لغم أرضي زرعته قوات النظام السوري من مسعف إلى مصاب يحمل إعاقة دائمة.
درس هاشم هندسة الطاقة في جامعة دمشق، ولكنه انقطع عنها وهو في السنة الدراسية الثالثة، نتيجة اعتقال النظام السوري له، وبعد خروجه من المعتقل التحق بالكادر الطبي في مستشفى شهداء سوريا بريف درعا، وبعد خضوعه لدورة طبية عمل مسعفاً ميدانياً.
اختار هاشم العمل الطبي، بعد افتقار هذا القطاع إلى الأطباء والمسعفين، إذ غادرت الكوادر الطبية وغيرها من الكفاءات والعقول سوريا بحثاً عن مكان آمن، فيما امتنع بعض الأطباء علاج الجرحى بداية الثورة السورية، خوفاً من تعرضهم للمساءلة أو الاعتقال من النظام السوري.
في معركة تل “أم حوران” بين النظام السوري والثوار، طلب الثوار دعم الكوادر الطبية لهم لمعالجة جرحاهم، فكان هاشم من بين المسعفين الذين خرجوا لأرض المعركة.
يروي هاشم لـ “الصوت السوري” تفاصيل إصابته “بينما كنت متجهاً لإنقاذ أحد الجرحى على نقاط الثوار المتقدمة، داست قدمي على لغم أرضي انفجر بي، ما أدى إلى بتر كعب القدم اليمنى، وفي هذه الأثناء تحولت من مسعف إلى شخص يطلب من يسعفه”.
أسعف هاشم إلى مستشفى أطباء بلا حدود، بمدينة الرمثا الأردنية، وخضع لعمليات جراحية عدّة، كترميم للجلد، وتركيب مثبت خارجي لقدمه، ورغم إصابته الدائمة، إلا أنه عاد ليكمل عمله في مستشفى “شهداء سوريا” ولكن في قسم التوثيق، بعد أن أصبحت إصابته عائقاً أمام عمله الميداني.
لم تكن إصابة هاشم بلغم أرضي هي الوحيدة، لا سيما أن النظام السوري استخدم الألغام بشتى أنواعها كالمضادة للأفراد، والعربات، والألغام البحرية، وبعض تلك الألغام كانت تأخذ أشكالاً قريبة من الحجارة السوداء، التي تكثر في سهل حوران، وهو ما يجعل تمييزها صعباً دون أدوات كشف عنها.
أسامة الحوراني، مدني من ريف درعا الغربي، قال لـ “الصوت السوري” “أثناء عملي في أرضنا الزراعية بعد انسحاب النظام من أحد الثكنات القريبة منها، انفجر بي لغم، أدى إلى بتر قدمي”.
سجلت درعا آخر حادثة انفجار لغم أواخر تموز الماضي، حيث انفجر لغم أرضي بسيارة، ما أدى إلى مقتل 6 مدنيين، وجرح آخرين من عائلة واحدة، في بلدة المليحة الغربية بريف درعا الشرقي.
لجأ الثوار في محافظة درعا إلى تشكيل فرق هندسية متخصصة بـ “تفكيك الألغام والقنابل العنقودية”، وحسب أحد الحوراني، عنصر في كتيبة هندسة تابعة للثوار، في حديثه لـ”الصوت السوري” “يخضع العاملون في هذا المجال لدورات تدريبية لمعرفة طرق تفكيك الألغام، وحالياً يتم تدريبهم على التعامل مع القنابل العنقودية التي يستخدمها النظام السوري في الآونة الأخيرة”.
لم يقتصر استخدام الألغام في الجنوب السوري على النظام السوري، بل قام “جيش خالد بن الوليد”، المتهم بمبايعة تنظيم الدولة، الذي تم تأسيسه في 24 أيار الماضي، بزرع الألغام والعبوات الناسفة في سيارات قياديين عسكريين للمعارضة وناشطين في محافظة درعا، فضلاً عن زرع عشرات الألغام والعبوات على جوانب الطرق في مناطق سيطرته، لمنع تقدم الثوار، ولكن تلك الألغام قتلت وأصابت عدداً من المدنيين.
“تقف سوريا على الجانب الخطأ من التاريخ إذ تستخدم القنابل العنقودية ضد شعبها”، هذا ما قاله ستيف غوس، مدير قسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش ورئيس مجلس إدارة ائتلاف الذخائر العنقودية، وخاصةً بعد مؤتمر دبلوماسي انعقد في دبلن بـ إيرلندا أيار 2008، ووقعت عليه 107 دول حول العالم على معاهدة دولية تحظر هذه الأسلحة.