تقارير

ريف حمص: مشاريع صغيرة للعيش في زمن الحصار

لجأ سكان ريف حمص الشمالي إلى الأعمال البسيطة، لتأمين دخل مادي يساعدهم في ظروف الحصار على تأمين احتياجاتهم اليومية، وادخار شيء منه لتطوير مشاريعهم الصغيرة، ويعدّ هؤلاء “مترفون” قياساً بأعداد العاطلين عن العمل.

أم حيان امرأة في الأربعين من عمرها، تعيش مع أسرتها، المكونة من زوجها وأطفالها الإربعة، في ظروف وصفتها بـ “النعيم” إذا قارنتها بالآخرين، وقال لمراسل “الصوت السوري” في معرض حديثها، أنها “تدبر شؤون عائلتها في تأمين المال للعيش في ظروف الحصار وغلاء الأسعار”.

بدأت أم حيان عملها في “صناعة الألبان” وبيعها للأهالي، تصل كمية ما تبيعه إلى 40 كيلو غرام، وتربح في الكيلو الواحد 20 ليرة، مما يوفر لها يومياً 800 ليرة سورية، وحسب كلامها لمراسلنا، ما تجنيه من أرباح يؤمن ثمن الخبز ووجبة الطعام.

لا بد لأم حيان من العمل بعد أن فقد زوجها عمله، حيث بات مطلوباً لأفرع النظام الأمنية، بعد أن كان موظفاً في إحدى مؤسسات الدولة ويتقاضى 20 ألف ليرة سورية، كمرتب شهري.

بدأت مشروعها مستفيدة من طبيعة المنطقة الريفية، ووجود الأبقار في المنطقة، فضلاً عن وجود سوق تصريف لبضاعتها، فاليوم لا يملك أغلب سكان تلك المنطقة القدرة على شراء الخضروات نظراً لارتفاع سعرها، وهذا لعب دوراً في زيادة الطلب على اللبن، كبديل في وجبات الطعام، بالإضافة إلى استخدامه غذاء للأطفال بعد نفاد حليب الأطفال في المنطقة.

ابتسام، سيدة أخرى من ريف حمص، كانت تعمل في مجال الخياطة لمساعدة زوجها في إعالة الأسرة، وبعد أن اعتقله النظام، أصبح المعيلة الوحيدة لأطفالها، لتجد نفسها أمام اختبار صعب لا بد من اجتيازه حتى تستمر في الحياة.

واجه سكان ريف حمص الشمالي مشكلة فقدان الأقمشة ، فضلاً عن تراجع ظروف الناس المعيشية وعدم قدرتهم على شراء الملابس، وهو ما دفع ابتسام وأمثالها إلى البحث عن أفكار بديلة، وهي تحويل “البطانيات” التي تدخل ضمن قوافل المساعدات إلى ثياب شتوية متنوعة.

تقدم العائلات في ريف حمص “البطانية” لابتسام وأمثالها، ويدفعون 500 ليرة سورية لتحويل البطانية إلى ثياب شتوية، وحسب ابتسام “أربح مالاً لتدبير شؤون المنزل، وهم يحصلون على ملابس بأسعار قليلة”، ووفق ما أفاد مراسل “الصوت السوري”، تزدهر هذه المهنة في الشتاء بشكل أكبر.

بعد انتشار تحويل “البطانيات” إلى ألبستة، وصل الخياطون إلى مرحلة الإبداع، وأصبحت تظهر قصات وأشكال مختلفة تندرج تحت اسم “موضة البطانيات”، وتتباهى النساء بلبسها.

يسعى العاملون والعاملات في المشاريع الصغيرة على التغلب على التحديات التي تواجههم، إذ لا بد من التأقلم على ظروفهم المعيشية لمواصلة مشوارهم، فعمل أمّ حيان يتطلب وجود الكهرباء للحفاظ على الحليب، وتبريد اللبن، ومع انقطاعه المتكرر، تقلل من الكميات المصنعة خوفاً من فسادها، إذ أنها لا تستطيع المغامرة بكميات كبيرة قد تفسد براس مال بسيط.

ومن ناحية أخرى يمارس بعض المحاصرين أعمالاً تهدد حياتهم، ولكن ظروف الحياة، دفعتهم للمغامرة، أو المقامرة حتى بحياتهم. فالشاب حسن اليوسف قال لمراسل الصوت السوري “أخرج صباح كل يوم، ويراودني شعور بعدم العودة سالماً، فعملي “تهريب” المواد من منطقة الحولة إلى الرستن وتلبيسة والعكس.

ويضيف حسن “يفصل بين النقاط التي أعمل بها قرى موالية، فضلاً عن نقاط للنظام تستهدف الطريق الواصل بين النقاط، وتنصب الكمائن عليه، مما يشعرني أعمل على طريق الموت!!.

يقول حسن “إذا لم أعمل في التهريب، يجب أن أعمل بائع بسطة صغيرة، وهذا لا يؤمن احتياجات أسرتي المكونة من 8 أشخاص منهم أطفال صغار بحاجة مستلزمات كبيرة”.

يعيش أهالي ريف حمص، البالغ عددهم 250 ألف نسمة، في حصار منذ عام 2013، بحثوا عن طرق بديلة ولكنها أغلقت، باستثناء وجود منفذ مع النظام في “الدار الكبيرة” بريف حمص، ولكن لا يسمح إلا بدخول أشياء محددة.

الحصار دفع أهالي حمص وباقي المناطق السورية إلى البحث عن طرق بديلة للحياة، كالطاقة البديلة، وإعادة تدوير المواد، واستخراج المحروقات من المواد البلاستيكية وغيرها.

٢٠١٦٠٧٢٧_٠٨٥٧٥٩

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق