عشرات الضحايا في “خان شيخون” بغازات سامة.. ومسؤول في الحكومة المؤقتة “لدينا دلائل على تورط الأسد”
[تنويه: تحتوي المادة على صور ضحايا من خان شيخون، ورغم أن نشر صور الضحايا تخالف سياسة موقع الصوت السوري إلا أنه تم استخدامها كنوع من التوثيق]
فُجع أهالي محافظة إدلب، شمال سوريا، بمجزرة مروعة في مدينة خان شيخون بريف إدلب، فجر الثلاثاء، راح ضحيتها نحو 100 مدني جلّهم أطفال ونساء قضوا خنقاً، وأكثر من 500 إصابة بحالات اختناق، جراء استهداف المدينة بغاز سام، وفق ما ذكرت مصادر طبية عدّة لـ”الصوت السوري”.
وشهدت محافظة إدلب استنفاراً للكوادر الطبية وطواقم الإسعاف، وامتلأت مشافيها ومراكزها بجثث القتلى والمصابين، ونُقلت بعض الحالات الحرجة إلى المشافي التركية.
ونقلت وكالة رويترز عن اتحاد منظمات الرعاية والإغاثة الطبية، وهو تحالف لمنظمات إغاثة دولية يمول مستشفيات في سوريا وله مقر في بارس أن “هجمات يشتبه أنها بأسلحة كيماوية قتلت مائة شخص في محافظة إدلب وخلّفت 400 شخص يعانون من مشكلات في التنفس”.
التقى مراسل “الصوت السوري” مع السيد أبو حمدو، مدير الدفاع المدني/ قطاع خان شيخون، للوقوف على تفاصيل الضربة، حيث قال بأن “الحي الشمالي لمدينة خان شيخون تعرض صباحاً لقصف من طيران حربي وليس مروحي”.
وأضاف أن “المدينة تعرضت لأربع غارات جوية أولها كانت محملة بغازات سامة، والثلاثة الأخرى صواريخ فراغية، ولم يتم تحديد هوية الطيران إن كان سورياً أو روسياً”.
وبدوره قال الدكتور محمد أبو اسماعيل، وهو طبيب في إحدى مشافي مدينة معرة النعمان (تبعد 20 كم عن خان شيخون)، لـ”الصوت السوري” “وصل نحو 60 مصاباً من خان شيخون إلى أحد مشافي المدينة” لافتاً أن “غارات كيماوية قاتلة تتشابه أعراضها مع تداعيات وعلامات الإصابة بغاز السارين، من ضيق في التنفس وسعال وغثيان وتهيج وحرقة في العينين”.
وفي تصريح خاص لـ “الصوت السوري” قال وزير الصحة في الحكومة السورية “المؤقتة” الدكتور فراس الجندي “ما نُشر من أرقام ليست دقيقة، وقد تتجاوز ما نشر، لأن الإصابات انتشرت في المشافي والمراكز الطبية الخاصة والعامة شمال سوريا”.
وقال الوزير الجندي “لدى الوزارة دلائل على تورط نظام الأسد، ومستعدون لتقديم قطع من الصواريخ المحملة بالغازات السامة لأي جهة دولية أو مخبر جنائي، فضلاً عن عينات لثياب المصابين ومكان الحفرة التي أحدثها القصف”.
وبحسب الوزير الجندي “يمكن تقديم الأعراض السريرية الظاهرة على المصابين، من اختناق وتضيق في حدقات العين وحالات اختلاجات وفقدان وعي وزبد فموي وصدمة دورانية”.
واعتبر وزير الصحة في الحكومة “المؤقتة” أن استهتار المجتمع الدولي منذ مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية عام 2013 كان سبباً في تمادي النظام باستخدام السلاح المحرم دولياً، رغم القرار الدولي رقم 2118، والذي تنصّ المادة 21 منه “تطبيق عقوبات على النظام السوري تحت الفصل السابع في حال استخدم النظام السوري للأسلحة الكيماوية”.
من جهته اتهم مدير صحة إدلب “الحرة” الدكتور منذر الخليل النظام السوري وروسيا في ارتكاب الجريمة، حسب وصفه، معتبراً أن جريمة كاملة الأركان والمواصفات، وجاءت بعد يوم واحد على قصف مشفى معرة النعمان المجاورة لخان شيخون وإخراجه عن الخدمة.
وأشار الدكتور الخليل إلى أن “الأعراض انتقلت إلى كوادر طبية وعناصر من الدفاع المدني، الذين استجابوا منذ ساعات الصباح الباكر في إسعاف المصابين، وسط نقص الأدوية والمعدات الطبية اللازمة للتعامل مع مثل تلك الغازات”.
وحذّر أن أي استهداف ثاني لمنطقة مدنية في إدلب سيؤدي لحصول كارثة إنسانية بعد استنفاذ الإمكانيات البسيطة في هذه الضربة، ونقص المنافس وأجهزة الإرذاذ ومولدات الأوكسجين والأقنعة الواقية والبدلات الخاصة.
ورغم أن فرق محلية ودولية وثّقت المجزرة التي وقعت في خان شيخون، إلا أن الدكتور الخليل غير متفائل بالنتائج، وبحسب تعبيره “رغم دخول فرق توثيق خاصة لتوثيق ضربة الكيماوي إلا أن التوثيق عندما يذهب للمجتمع الدولي سيبقى حبيس الأدراج، ولن يُفتح الملف إلى لاستغلال ظرف سياسي”.
وعقب استهداف مدينة خان شيخون طالب الائتلاف الوطني الدول الأعضاء بمجلس الأمن بعقد جلسة طارئة ودراسة هذه المجزرة التي تخالف القرارا ت الدولية، ولا سيما قرار 2188، الذي ينص على استخدام البند السابع (القوة العسكرية) ضد الأسد في حال تكرار استخدام الأسلحة الكيماوية.
من جهته نفى النظام السوري عن استخدام الغازات السامة في خان شيخون أو أي مدينة أو قرية سورية أخرى، ونقلت وكالة سانا (التابعة له) عن مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين أن الجيش السوري ليس لديه أي نوع من الأسلحة الكيميائية.
وعلى صعيد دولي، دعت فرنسا وبريطانيا عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، لمناقشة الهجوم بالغازات الكمياوية على مدينة خان شيخون في ريف إدلب.
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أن “الرئيس السوري بشار الأسد سيكون مذنباً بجريمة حرب إذا ما ثبت أن نظامه مسؤول عن هجوم يتشبه أنه نفذ بأسلحة كيماوية”، وفق ما ذكرت وكالة رويترز.
وأضاف جونسون “قصف مواطنيك المدنيين بأسلحة كيماوية هو دون أدنى شك جريمة حرب ويتعين أن يحاسبوا عليها”.
وتعاني مناطق المعارضة السورية في مثل تلك الضربات بغياب أدوات التوثيق الدقيقة لإثبات مرتكب الجريمة وتوجيه أصابع الاتهام إلى الفاعل، إذ أن “التحقيق في استخدام الغازات يحتاج إلى مختبرات عالمية مجهزة بمعدات عالية الدقة وهذا غير متوفر”، وفق ما ذكر عضو المكتب الإعلامي في مديرية صحة حماة “الحرة”.
يذكر أن مركبات خاصة بفحص واختبار الإشعاعات والمواد الكيماوية والبيولوجية تابعة لإدارة “أفاد” التركية عبرت الحدود السورية متجهة إلى مدينة إدلب للتحقيق في ضربات خان شيخون.

الصورتان التقطتا في مشفى خان شيخون بريف إدلب لطفلين من ضحايا المدينة