الحياة تدّب في مدينة الباب بعد طرد تنظيم “داعش”… وهجرة عكسية إليها
الباب – حلب: عادت الحياة إلى مدينة الباب أكبر المدن التي كانت تحت سيطرة تنظيم “داعش” شرق حلب، بعد تحريرها على يد “درع الفرات” بمساندة تركية، وما أعقبه من جهودٍ حثيثة لعناصر “الدفاع المدني”، لتشهد المدينة هجرة عكسية إليها بعد أن أصبحت ملاذاً آمناً للمدنيين في مناطق الصراع بريف حلب.
بلغ عدد سكان مدينة الباب بعد موجة النزوح “الكبيرة” إليها من مسكنة والطبقة وريف منبج الغربي نحو 17 ألف نسمة، وفق إحصائية للمجلس المحلي في المدينة، حصل عليها مراسل “الصوت السوري”.
وبعد سيطرة “درع الفرات” على المدينة في 24 شباط/ فبراير الماضي، أخذ المجلس المحلي للمدينة، بالتعاون مع فرق “الدفاع المدني” والفرق الهندسية بإزالة الألغام والأنقاض، لإعادة تأهيل المدينة، وتقديم الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء لأهالي المدينة والوافدين إليها.
وتمكن الدفاع المدني من تفكيك أكثر من 1250 لغم من مخلفات تنظيم داعش، كان آخرها تفكيك 150 لغم خلال الأيام الثلاثة الماضية، وفق ما ذكرت مجموعة الهندسة الخاصة بتفكيك الألغام لـ”الصوت السوري”.
الجولة الميدانية، لمراسل “الصوت السوري” في أسواق المدينة، تظهر أن المدينة تعافت – نسبياً – من الجحيم الذي عاشه أهلها منذ 15 كانون الثاني/ يناير 2014 حتى يوم 24 شباط/ فبراير 2017 وهي فترة وقوعها تحت سيطرة التنظيم.
وبدأ تتعافى المدينة “اقتصادياً” حيث تنشط حركة الأسواق وتتوفر المواد الأساسية، وبأسعار مقبولة، فمعبر باب السلام بين تركيا وسوريا مفتوح أمام التجار، وفق ما أفاد مراسل “الصوت السوري” في الباب.
وبحسب مراسل “الصوت السوري” يبلغ سعر كيلو الأرز 550 ليرة سورية، والسكر 400 ليرة سورية، ولتر المازوت (الديزل) 225 ليرة سورية، والبنزين 600 ليرة سورية، ولحم الغنم 2600 ليرة سورية، وتلامس هذه الأسعار أسعار مناطق المعارضة في إدلب وريفها، وبعض الأسعار أقل من إدلب.
أبو عمر، صاحب متجر لبيع المواد الغذائية في مدينة الباب، عبّر عن تفاؤله لمراسل “الصوت السوري” بعودة الحياة إلى المدينة، وقال “تشهد المدينة إقبالاً ملحوظاً للأهالي على شراء مستلزماتهم اليومية والتسوق، وبدأت علامات الاستقرار تترسخ في المدينة”.
وإلى مدني آخر (رفض ذكر اسمه خشية تعرضه للخطر من خلايا التنظيم)، قال لـ”الصوت السوري” “أرهق تنظيم داعش المدنيين بالضرائب، وتعرضوا لسوء المعاملة، وذلك بذريعة الزكاة، وأن تلك الأموال ستذهب إلى الفقراء، ولكن الحقيقة أن التنظيم يموّل عملياته العسكرية وجبهاته بمال الفقراء”.
وأضاف أن “الجيش السوري الحر” شكل مجلساً أمنياً في قرية “سوسيان” لتنظيم عودة الأهالي وحمايتهم، خلافاً لما كانت عليه المدينة في زمن التنظيم.
من جهته أكد سفيان أبو محمد، مسؤول التنسيق في المجلس المحلي لـ”الصوت السوري” أن “المجلس يقوم بتوثيق إحصائيات دقيقة لعدد السكان الوافدين، فضلاً عن تقييم حجم الأضرار لكل عائلة وتقديم ما أمكن للتخفيف من المعاناة، وإدخالهم في جداول المستفيدين من المنظمات بشكل شهري وحسب جدول أعمال المنظمة”.
وعن أهداف المجلس، صرّح أبو محمد لـ”لصوت السوري” أن “الأولوية هي إعادة تأهيل المنشآت الخدمية والطبية والتعليمية لوضع هيكلية متينة والاستفادة القصوى من دور المجلس في إعادة إعمار وتأهيل المدينة، التي لا تزال بعض أحيائها غير مؤهلة للعيش بسبب كثرة الألغام والدمار الناتج عن السيارات المفخخة التي فجرها التنظيم والقصف الجوي على المدينة أثناء طرد الأخير.
وفي هذا الصدد ، قال أحد عناصر “الدفاع المدني” إن “الباب” من أصعب المناطق التي عملنا بها، مؤكداً “قلة الأدوات التي يمتلكها طاقم الدفاع قياساً بدمار البنية التحتية للمدينة”، كما لفت إلى أن “هناك أماكن تتصدر أولويات الدفاع لتسهيل وصول المدنيين لمنازلهم”.
أخيراً.. دفع أهالي مدينة الباب كثيراً حتى نالوا حريتهم من إجرام تنظيم “داعش”، ومع بدء عودتهم وتأهيل المدينة بدأت الحياة تدبّ بين السكان، بينما تواصل الفعاليات المدنية من مجلس محلي ودفاع مدني إلى مواصلة جهودهم لتحقيق مزيد من الاستقرار.
وبحسب مراسل “الصوت السوري” فإن المدينة تستقبل أعداداً من أهلها ونازحين من مناطق النزاعات في ريف منبج الغربي” مشيراً أن نصف سكان المدينة لا يزال خارجها، وفق إحصائيات من المجلس المحلي حصل عليها.