تقارير

“الفشل الكلوي” طريقك إلى “الموت” في مضايا ما لم تخرج إلى دمشق!!

“الفشل الكلوي” آخر “زائر” إلى بلدة مضايا المحاصرة في ريف دمشق، تحوّل إلى ” قاتل” وسط عجز الهيئة الطبية في البلدة من السيطرة عليه، وعدم إمكانية إخلاء 25 مصاباً إلى دمشق لتلقي العلاج.

جدد ناشطو مضايا مناشاتهم، السبت، لمساعدة مرضى الفشل الكلوي، وإخراجهم إلى مستشفيات العاصمة دمشق لتلقي العلاج، وذلك بعد تدهور الوضع الطبي للشاب علي غصن، ودخوله مرحلة الخطر.

يبلغ علي 28 عاماً، أصيب بالفشل الكلوي منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، حيث أكدت التحاليل الطبية إصابته بعد ارتفاع في معدل “الكرياتين” و “اليوريا” في الدم، فبلغت نسبة “الكرياتين” 11.5  أما “اليوريا” 9.9، وهي نسب تدل على توقف عمل الكلى تماماً.

طالب الشاب علي، من خلال حديثه لـ”الصوت السوري” المنظمات الدولية، وكل من يستطيع الضغط على قوات النظام، لإخراجه من بلدة مضايا لتلقي العلاج.

فيما قالت والدته، البالغة من العمر 50 عاماً، لمراسل “الصوت السوري” “من المؤلم أن ترى ولدك يموت أمام عينيك، وأنت عاجز عن فعل أي شيء له” وأشارت أن علي “دخل في غيبوبة خلال اليومين الماضيين لأكثر من ثلاثة ساعات، ولولا الإرادة الإلهية كان ابني في عداد الأموات الآن”.

توقف علي عن تناول الطعام منذ أربعة أسابيع، وأصبح طعامه 1 أو 2 لتر من “السيرومات السكرية” يومياً، ويحتاج كل 4 أيام إلى نقل وحدة دم جديدة.

تضيف أم علي “أصبحنا نستخدم مواد التخدير لتخفيف آلام علي، ومساعدة على النوم، بعد انعدام المسكنات الطبية في مضايا”.

من جهته قال الطبيب محمد درويش، عضو الهيئة الطبية في مضايا، لـ”الصوت السوري” “هناك فرق بين القصور الكلوي والفشل الكلوي، وعلي غصن كانت حالته قصور، وتحولت إلى فشل تام”، مشيراً أنه “كان يبول نصف ما يشربه من ماء، ولكن منذ أيام السوائل تحتبس في جسمه ولا يستطيع التبوّل نهائيا”.

وعزا الطبيب درويش “سبب تفشي الفشل الكلوي خلال الحصار إلى النمط الغذائي السلبي، المقتصر على عدد محدود من المواد النشوية، وانعدام الفيتامينات والأملاح والمعادن اللازمة لتنشيط عمل الكلى”.

وكان موقع “سوريا على طول” نقل في تقرير منشور،  آذار/ مارس 2016، عن طبيبين في مضايا أنّ “المواد الغذائية التي تدخل عبر المساعدات الدولية تتضمن النشويات بنسب عالية والبروتين بنسب منخفضة، وهذه المواد إن أعطيت للناس الذين يتضورون جوعاً، تتسبب في الانتفاخ وقصور في وظائف الكلى والكبد”.

وبحسب الطبيب درويش “لا إمكانية لعلاج المصابين بالفشل الكلوي في مضايا، لأن إصابتهم تحولت من قصور إلى فشل، وباتوا بحاجة إلى جلسة غسيل كلية أسبوعياً، وهذا غير متوفر في البلدة، وليس أمامهم سوى الخروج أو الموت”، مشيراً أنه “لا يوجد في مضايا أجهزة ومواد غسيل الكلى”.

ولم تفلح جهود الهيئة الطبية والناشطين في تواصلهم مع مكتب الأمم المتحدة في دمشق لإجلاء مرضى الفشل الكلوي، لإن مصير أولئك المرضى مرتبط بإخراج حالات مشابهة من بلدتي الفوعة وكفريا شمال سوريا، وهذا غير متاح حالياً، وفق الطبيب درويش.

وتبدي الأمم المتحدة ومنظمتي الهلال والصليب الأحمرين عجزهما عن إخراج المرضى من مضايا، لعدم ساح النظام السوري لهم بذلك، إذ يشترط النظام خروج حالة إنسانية من كفريا والفوعة المواليتين في ريف إدلب، مقابل حالة من مضايا وبقين.

وكانت آخر عملية إخلاء للجرحى والمصابين من مضايا تمّت مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حيث أخلي 4 مصابين من مضايا، مقابل 4 من كفريا والفوعة.

وتخشى الهيئة الطبية في مضايا أن تتطور حالات 25 مدني مصاب بالكلى في مضايا، من مرحلة القصور إلى الفشل التام، فمع الفشل التام لا يمكن التعامل مع المريض سوى بـ “غسيل الكلى”، وفق ما ذكر الطبيب درويش.

وأشار أن ” بعض الحالات المسجلة في مضايا يمكن التعامل معها ببعض الوسائل العلاجية البديلة، ولكن هناك حالات تسوء حالاتها، كما حدث مع علي غصن، ومن قبله اثنين لقيا حتفهما داخل البلدة المحاصرة بعد أن تعذر خروجهما”.

يذكر أن مأساة بلدة “مضايا” بدأت منذ إبرام اتفاق المدن الأربعة بين جيش المفاوض الإيراني وجيش الفتح، حيث اتفق الطرفان على جملة من البنود أهمها وقف إطلاق النار وفتح المعابر الإنسانية وإخراج الجرحى.

ولكن النظام وحزب الله اللبناني فرضا حصاراً خانقاً على البلدة التي يسكنها حالياً أكثر من 40 ألف مدني، وتفشى فيها خلال 14 شهراً الماضية عدد من الأمراض والأوبئة بدءاً من سوء التغذية، والكواشيركور، والتهاب السحايا، وانتهاءً بالفشل الكلوي.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق