سيناريو “مضايا” يتكرر في حلب… لا خدمات طبية وارتفاع جنوني في الأسعار!
بدأ الحصار ينعكس على أجساد المدنيين في أحياء حلب الشرقية، بعد تسجيل حالات “سوء التغذية” بين المدنيين، لا سيما الأطفال منهم، في الوقت الذي يعاني سكانها من قصف مستمر، وخروج كامل مستشفياتها عن الخدمة، وشحّ المواد الغذائية وارتفاع أسعارها.
“النظام وتجار الحرب يحاولون أن يجعلوا من حلب مضايا جديدة، ولكنها ليست كمضايا، فالمصالح الدولية، وموقع حلب على الخارطة السورية يقتضي أن تنتصر حلب أو تسقط”، وفق ما ذكر مهند مخزوم، ناشط إعلامي من حلب الشرقية، لـ”الصوت السوري”.
الوضع الصحي والغذائي بات “كارثياً” فجميع مستشفيات الأحياء المحاصرة، التي تخدم 250 ألف مدني، خارج الخدمة، وفق ما ذكرت مديرية صحة حلب “الحرة” في بيان صادر عنها، الجمعة، وذلك نتيجة استهدافها بغارات جوية مباشرة من الطيران الروسي في إطار القصف المتعمد للبنى التحتية.
الطبيب عبد القادر العلي، من داخل الأحياء المحاصرة، قال لمراسل “الصوت السوري”، الأربعاء “الوضع الطبي في مدينة حلب دون درجة الصفر، فالأحياء المحاصرة تعتمد على نقطتين طبيتين، لا يمكنها أن تخدّم أكثر من 50% من الحالات الضرورية”.
طبيب آخر، قال لـ”الصوت السوري” “تعتمد النقاط الطبية على بعض المعدات التي خرجت من بين ركام المستشفيات وبقيت سليمة، وتم وضعها في أماكن متنقلة غير مجهزة للاستخدام الطبي، يتم نقلها بين الفينة والأخرى خشية تعرضها للقصف”.
وأشار الطبيبان إلى أن النقاط الطبية الجديدة غير معقمة، ويُخشى من إصابات الجرحى بالتهابات، وتأخرها عن الشفاء نتيجة لذلك، وبحسب الطبيب العلي “يتم إجراء بعض العمليات الجراحية على إنارة الهواتف ومصابيح الشحن”.
أبو محمود، مدني محاصر في مدينة حلب، مصاب بحروق منذ شهر جراء غارة جوية استهدفت منزله وقتلت زوجته وأحد أبنائه، قال لمراسل “الصوت السوري” “لم يقدم لي المستشفى شو تضميد الجروح، فالمستشفيات لم تعد قادرة على تقديم الرعاية الطبية اللازمة نتيجة الوضع الكارثي”.
يلاقي أبو محمود صعوبة كبيرة في تأمين علاجه، وبعض الأدوية اللازمة، فالصيدليات مغلقة، ومن تفتح أبوابها قد لا تجد الدواء المطلوب فيها، وإذا حصلت على الدواء اللازم فأنت أمام أسعار مرتفعة تعجز عن الشراء!!.
وتعاني أحياء حلب الشرقية “المحاصرة” من تدهور الوضع المعيشي، نظراً لشحّ المواد الغذائية، وارتفاع – جنوني – لأسعارها، ما دفع مجلس محافظة حلب “الحرة” لمطالبة المجتمع الدولي العمل على إسقاط إغاثة جوية عاجلة، أسوة بمناطق أخرى، ريثما يتم فتح ممرات آمنة.
بلغ سعر ربطة الخبز الواحدة 4 آلاف ليرة سورية، وتجاوز سعر كيلو لحم الغنم والدجاج 25 ألف ليرة سورية – إن وجد – وكيلو القمح 3 آلاف ليرة سورية، والسكر 8 آلاف ليرة سورية، ومتوسط سعر الرز والبرغل وبعض أصناف الحبوب 2500 ليرة سورية.
وليد ياسين، محاصر داخل أحياء حلب قال “للصوت السوري” “نأكل وجبة واحدة في اليوم، فالمواد الغذائية والخضروات نادرة الوجود في الأسواق، وإن وُجدت ليس لدينا القدرة على شرائها”.
ووثق ناشطون من مدينة حلب مقتل أكثر من 10 مدنيين، الأربعاء، جراء القصف الجوي على أحياء حلب، فيما تجاوز عدد القتلى أمس الثلاثاء 25 مدنياً فضلاً عن عشرات الجرحى.
وأضاف ياسين ” بلغ سعر باقة البقدونس 850 ليرة سورية، وهي أقل أنواع الخضار استخداماً، فيما تبلغ تكلفة تحضير وجبة غذائية أكثر من 6 آلاف ليرة سورية… فما بالك بوجبة للعائلة؟!”.
يتشابه الوضع الطبي والإنساني في حلب مع مضايا في ريف دمشق، ولكن بصورة متسارعة، وبأضعاف أعداد المدنيين في مضايا، فمضايا التي مضى على حصارها أكثر من أربعة عشر شهراً، لا تزال تعاني من تدهور الوضع الإنساني والطبي، وسجلت انتشار أوبئة كثيرة كـ”الكواشيركور” و”السحايا” و “الفشل الكلوي”، وسجلت أكثر من 200 حالة وفاة خلال فترة الحصار قضوا جوعاً أو قنصاً.
يذكر أن أحياء حلب تتعرض للحصار منذ شهر تموز/ يوليو الماضي، منذ سيطرة قوات النظام وحلفائه على طريق “الكاستيلو” الذي يربط أحياء المدينة بريفها، ولا تلبث أن تنجح المعارضة في فك الحصار عنها حتى يعود الحصار أكثر مما كان عليه!.