سبعون بالمائة نسبة البطالة في ريف اللاذقية والمساعدات ليست حلاً
تحول ريف اللاذقية المشتهر بأراضيه الزراعية الواسعة، إلى بقايا مدينة، وفقدت أراضيه ثروتها الزراعية، ليخسر غالبية سكانها دخلهم الأساسي المعتمد على الزراعة والسياحة، بعد أن تعرض الريف لحملات قصف واسعة، من الطيران الحربي السوري والروسي.
ارتفعت نسبة البطالة، وخلّفت الظروف التي تعيشها المنطقة عدد لا بأس به من الشباب العاطل عن العمل، منهم من اختار ترك أراضيه والنزوح إلى مناطق أكثر أماناً، ومنهم من انتقل إلى تركيا، ومن لم يتمكن نزح إلى ريف إدلب، والبقية اختاروا المخيمات لتكون محطة انتظار ريثما يحين موعد رجوعهم إلى أرضهم.
مصطفى حج بكري، رئيس المجلس المحلي لقرية دويركة في ريف اللاذقية، يشرح لـ “الصوت السوري” كيف ارتفع مستوى البطالة بعد الحملة الروسية على المنطقة “وصلت نسبة البطالة إلى 70% وذلك، والرقم مبني على إحصاء عدد العاطلين عن العمل، ضمن قائمة مبوبة بحسب درجاتهم العلمية والمهنية، وكل من لا يملك عمل حتى وإن امتلك أرضاً ولم يستطع العمل بها”.
نسبة البطالة لحملة الشهادات العلمية بلغت 60%، ويتنافسون على القليل من الفرص المتوفرة في المنظمات العاملة، أو في مجال التعليم، وكانت مديرية التربية التابعة للمعارضة قد اشترطت في بداية العام الدراسي أن يكون المتقدم للوظائف التعليمية حاصل على شهادة متخصصة، ولديه خبرة سابقة، مما أبعد الفرصة لأصحاب الشهادات البعيدة عن المجال التعليمي.
ويضيف بكري “اقترحنا على المنظمات الداعمة وضع خطة مشاريع، بهدف تأمين فرص عمل لعدد أكبر من أصحاب المهن، بدلاً من تقديم المعونات الإغاثية، وفق ما هو معمول به في بلدان اللجوء، ولكن لم نتلقى استجابة من أي جهة”.
متوسط دخل الفرد قبل الثورة السورية 15 ألف ليرة سورية، وكان يعادل آنذاك 300 دولار أمريكي، أما الآن قليل من يحصل على هذا المبلغ شهرياً، حيث لا يتجاوز دخل الفرد حالياً 100 دولار أمريكي، وقليل من العاملين في المنظمات يتقاضون راتباً يزيد عن 100 دولار، بينما تضاعفت أسعار المواد الغذائية عما كانت عليه قبل الثورة، لينعكس ذلك على الواقع المعيشي.
يمن شاكر، مديرة مخيم الفاروق، ومسؤولة عن عشوائيات عين البيضا من الخيم، قالت في حديثها لـ”الصوت السوري” “وجود الشباب بكثرة في المخيمات هو أمر مخجل، وخاصة إن لم يكن هناك عمل يعمله، وقد يترتب على فراغ الشباب مشكلات كثيرة كالسرقة والتحايل والمتاجرة بالمعونات الإغاثية أحياناً”.
ووفق يمن “لا بد من إيجاد حلول سريعة كاستصلاح أراض زراعية، ليقوم الشباب بزراعتها، لا سيما أن أغلب النازحين من أهالي الريف، ولديهم خبرة في الزراعية”.
وأضافت يمن “يمكن استغلال الأراضي الحدودية الشاسعة مع تركيا، بدلاً من كونها مناطق تهريب، ليتم تحويلها إلى أراض زراعية، فضلاً عن إنشاء مداجن حيوانية ومزارع للأبقار بهدف تأمين الحليب للمنطقة”.
من جهته ذكر الدكتور رامي حبيب، مدير جمعية الأمل لأهل سوريا، أن المشكلة هي في “استصعاب” فرص العمل، إذ أنها موجودة ولكن على الجهات المعنية إدارة الأزمة بشكل جيد”.
وشرح حبيب في حديثه لـ”الصوت السوري” عن رؤيته لحل أزمة البطالة “تأمين فرص العمل ليس صعباً، وإنما المشكلة في غياب المشاريع الانتاجية، وأسهل طريقة لإيجاد فرص العمل هو إيجاد نقابة عمالية لأرشفة فرص العمل ومعرفة الطاقة الشبابية للعمال”.
وأضاف “يمكن فتح مكتب للعمل مهمته البحث عن فرص عمل للشباب، في أسواق كسوق البناء، الذي ينشط هذه الأيام لا سيما في المناطق شبه الآمنة والحدودية، وتشجيع المشاريع الإنتاجية، كالاستثمار في الزراعة، وهي تحتاج لأعداد كبيرة من الأيدي العاملة، أو الاستثمار في المشاريع الحيوانية كالمداجن”.
لم يستثن الدكتور حبيب من رؤيته “النساء”، ويعتقد أنّ لهنّ دور كبير في سوق العمل، لا سيما في المنظمات، للعمل في المطابخ، أو في ورشات الخياطة والتطريز، فضلاً عن الوظائف التعليمية لحملة الشهادات.
أما أصحاب الشهادات العلمية تتحمل مسؤولية توظيفهم المنظمات العاملة في المنطقة، في حين تحمل المجالس المحلية المسؤولية الكبرى عن البطالة في صفوفهم، باعتبارها لم تستغل وجودها داخل سوريا، وتنفيذ مشاريع في ريف اللاذقية لاستيعاب أكبر قدر ممكن من الأيدي العاملة.
تأمين مساعدات إنسانية لسكان ريف اللاذقية “المحرر” والنازحين في مخيماته، لا يحلّ مشكلة الباحثين عن عمل، فالمساعدات الإنسانية قد تؤمن احتياجاتهم اليومية، إلا تؤمن الاستقرار والحياة الكريمة التي يبحثون عنها.
ويبقى الشباب في ريف اللاذقية وغيرها من المناطق “المحررة” يطرقون كل الأبواب، ويبحثون في كل القطاعات عن فرصة عمل، وسط إهمال من المنظمات والجمعيات بهذا الباب.