“مخيم الوفاء” في ريف اللاذقية أول مخيم إنتاجي نموذجي
مع استمرار تهجير السوريين من منازلهم ونزوحهم إلى مخيمات داخلية أو أخرى خارج حدود سورية، كان لا بد من “الإبداع” في خدمة تلك المخيمات، علّها تؤمن شيئاً من الاستقرار والراحة لساكنيها، بعد أن كانت معظمها – لا سيما داخل سوريا – عشوائية، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء مخيم إنتاجي نموذجي في ريف اللاذقية.
مع تكثيف القصف على جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية، وارتفاع أعداد النازحين إلى مخيمات الشريط الحدودي مع تركيا، بدأ التفكير في توفير مخيمات بشروط جديدة، فكانت فكرة إنشاء “مخيم الوفاء رقم واحد للأعمال الإنسانية”، قدمها وشارك في تنفيذها الدكتور رامي حبيب، رئيس جمعية الأمل لأهل سوريا.
أنشأ القائمون على المخيم 100 وحدة سكنية، ضمن مخطط لإنشاء 500 وحدة سكنية، ووفق الدكتور حبيب “يجمع المخيم بين نظام البناء والخيام، ونسعى إلى خلق بيئة قريبة لبيئة النازح الأصلية في بلدته أو قريته، ليستطيع التأقلم والعيش فيها، فضلاً عن الهدف الأسمى وهو استعادة شيئاً من الكرامة الإنسانية للنازحين التي سلبت منه أثناء نزوحه”.
“الخصوصية” ميزة مفقودة في جلّ المخيمات داخل الحدود السورية، وهي أهم ما يميز مخيم الوفاء، فلكل وحدة سكنية حمام خاص بها، وتصل المياه والكهرباء إلى كل وحدة سكنية بشكل منفصل عن البقية، وكذلك الوحدة موصولة بنظام صرف صحي خاص لمنع تراكم المياه الآسنة قرب المخيم، وفق ما ذكر الدكتور حبيب.
أضاف المخيم نقلة نوعية للمخيمات السورية، إذ يقوم على أساس إنتاجي لا استهلاكي، فحسب الدكتور حبيب “سكان المخيم منتجون لا مستهلكون فقط، فضمن خطة المخيم أن تؤمن مساحات لزراعة الخضراوات في بيت بلاستيكي، وإنشاء مزرعة أبقار صغيرة لتأمين الحليب للمخيم، فضلاً عن المداجن لتربية الدجاج، وبناء عدد مما يعرف بـ “التنور” يستخدم لصنع الخبز”.
يوفر المخيم فرص عمل لعدد من الأهالي، ويزيد من دخلهم الشهري، وهذا ما انعكس إيجابياً عليهم للعيش بشكل أفضل، وخلال فترة المشروع تُوفر 60 فرصة عمل باختلاف الاختصاصات، كما هناك 15 وظيفة دائمة.
زياد أحمد، حارس في المخيم يتحدث لـ “الصوت السوري” “ساهمت وظيفتي في استقراري، بينما كنت بأمس الحاجة لأي عمل، ولكن لم تتح لي فرصة قبل ذلك، وتم قبولي في الوظيفة آخذين بعين الاعتبار الحاجة والفقر”.
خُصص المخيم في غالبه لعائلات الشهداء والمعتقلين، وهم الفئة الأكثر حاجة في المجتمع، ويسعى القائمون إلى توفير مدرسة ومسجد لهم، فضلاً عن السعي إلى بناء مستشفى بالقرب من المخيم.
عبد السلام شاكر، ربّ أسرة مكونة من بنتين وأمهم، نزح من جبل الأكراد وبعد رحلة من التشرد حط رحاله في مخيم الوفاء، يقول لـ”الصوت السوري” عن خدمات المخيم ” وفّر المخيم علينا الكثير من المال، فقدم لنا الكهرباء والماء مجاناً، ووفر لي فرصة عمل في نقل المياه إلى المخيمات الأخرى، ليحميني من الفقر ويبعد هاجس الخوف على عائلتي من الجوع”.
ويضيف عبد السلام: “يقع المخيم على سفح جبل يوفر لنا مناخاً صحياً، وإطلالة جميلة، فضلاً عن عدم تدخل إدارة المخيم في خصوصياتنا طالما لم نتجاوز سياسة المخيم ولم نخالف قوانينه”.
ومن جهته، يقول أحمد سينو، نازح من بلدة سلمى أن “المخيم وفر علينا إيجار المنازل، وتدارك عشوائية بعض المخيمات الأخرى، فطرق المخيم معبّدة بالإسفلت، وشبكة الصرف الصحي ممددة بشكل جيد”.
“مخيم الوفاء رقم واحد للأعمال الانسانية” هو سلسلة من خمسة مخيمات ستنفذ تباعاً، ويهدف القائمون عليه أن تستفيد الجمعيات والمنظمات الإنسانية من فكرتهم، ويحذوا حذوهم في العمل الخدمي، لحفظ كرامة المواطن، والمحافظة على خصوصيته”.
على الرغم من مضي ثمانية شهور على إطلاق مشروع المخيم، إلا أنه لم يكتمل بناؤه، لعدة أسباب وفق ما ذكر القائمون عليه لـ “الصوت السوري” وهي “عدم حصول المخيم على دعم مؤسسات ومنظمات دولية، ويقتصر بناؤه على “الدعم الخاص”، وصعوبة تحويل الأموال والتبرعات، فضلاً عن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها تركيا بخصوص “التأشيرة” وهو ما أعاق تنقل عدد من السوريين العاملين في مجال الإغاثة والدعم.